طه حسيب (أبوظبي)

آليات الرد الإعلامي على حملات التشويه، كانت المحور الرئيس لمساهمات ومداخلات المتحدثين في الجلسة الثالثة والختامية في منتدى الاتحاد الثالث عشر الذي ناقش «صورة الإمارات في الإعلام». وتشعبت الجلسة إلى ثلاثة بنود أساسية، أولها بروز صورة الإمارات كلاعب إقليمي يتصدى لفوضى الربيع العربي، ويكبح التطرف والإرهاب. وثانيها دور الإعلام في ترسيخ ثوابت الإمارات في تحالف دعم الشرعية باليمن، وأدوات الرد على حملات التشويه الإعلامي الموجهة من تنظيم الإخوان، وقطر بعد قرار المقاطعة.

أكد د. سلطان فيصل الرميثي، المدير التنفيذي لدائرة التحرير والنشر في شركة أبوظبي للإعلام، في مستهل إدارته للجلسة الثالثة المعنونة بـ «آليات الرد الإعلامي على حملات التشويه»، أننا أمام حرب إعلامية تزداد ضراوة، هدفها نشر الفتنة وتخريب الصورة، تقوم بها مؤسسات ودول، تريد نشر الفوضى عبر حملات إعلامية ممنهجة ومركزة، مشيراً إلى أنها حروب تستمر، ما يجعلنا نتحدث عن آليات الرد الإعلامي والتصدي لهذه الحملات.

ربيع عربي إعلامي
وانتقلت الكلمة للباحث الإماراتي سالم سالمين النعيمي، مقدماً ورقة بعنوان «بروز صورة الإمارات كلاعب إقليمي نشط، يتصدى لفوضى الربيع العربي، ويكبح التطرف»، مؤكداً وجود تحولات سياسية غيرت المشهد الإعلامي، فبعد 8 سنوات عجاف من الحصاد المر، وانطلاق الشرارة الأولى لثورات «الربيع العربي»، أواخر عام 2010 ومطلع 2011، أفل نجم هتاف أصبح شهيراً في بعض الدول العربية وهو «الشعب يريد إسقاط النظام»، بعدما تبين في نهاية المطاف أن الهدف هو اشتعال الفوضى.
وعلى أثر ذلك، يقول النعيمي: «بدأت حرب إعلامية شرسة تستهدف الإمارات وشقيقتها المملكة العربية السعودية بصورة خاصة، وحكومات الدول العربية في مصر والبحرين، وغيرها من الدول التي وقفت بحزم في وجه العبث بأمنها القومي. وهنا يبرز الدور الإعلامي المميز في مواجهة ثورة «الربيع العربي الإعلامي» التي تزامنت مع ثورة الربيع العربي، وهذه الثورة الإعلامية متواصلة إلى يومنا هذا.
وأكد النعيمي أن ثورات «الربيع العربي» اتسمت بالعفوية، وابتعدت عن الركائز لأيديولوجية من أي نوع، ما عدا في حركة أتباع التنظيمات والجماعات الدينية التي ركبت موجة التظاهرات. واستند النعيمي إلى تقرير أصدره المنتدى الاستراتيجي العربي عام 2017، يقدم رصداً لتكلفة «الربيع العربي» من خلال السنوات الخمس التي تبدأ من 2011 إلى 2016، فقد أظهر التقرير دماراً للبنى التحتية في ليبيا واليمن والعراق وسوريا، وكانت النتيجة 14 مليون لاجئ، و8 ملايين نازح، و1.4 مليون قتيل، وتسببت موجة الثورات في وجود 40 مليون عاطل عن العمل، وخسائر بلغت 900 مليون دولار. وأصبح 90% من لاجئي العالم عرباً، و80 في المئة من وفيات الحروب عالمياً هم من العرب.

مواجهة الحملات
وفي استبيان لموقع «روسيا اليوم»، رصد النعيمي نتائج تمثلت في أن 98 في المئة من المشاركين يُحملون قطر مسؤولية الفوضى العارمة في الشرق الأوسط. وفي استبيان آخر، استنتج الموقع نفسه أن قطر هي من تؤجج الحرب الإعلامية في الأزمة الخليجية، وأن أغلبية المشاركين يحملون قطر المسؤولية عن هذه الحرب الإعلامية.
ويؤكد النعيمي أن السياسة الإماراتية الإعلامية اعتمدت مبدأ دحض الأكاذيب والادعاءات المضللة وتفنيدها من دون تدليس ومبالغة للجمهور العربي والعالمي. وضمن هذا الإطار عملت معظم وسائل الإعلام الإماراتي على تفنيد الدعاية الصفراء وحملات التشويه، وما يعرف بـ «الذباب الإلكتروني»، والمواقع الوهمية، وأيضاً مواجهة ما يتعلق بشراء الذمم، وتمويل جهات إعلامية لقلب الحقائق.
وفي مواجهة ذلك كله، يقول النعيمي: «تم تفعيل استراتيجية تقوم على تنسيق الجهود الإعلامية لرفع المعنويات وتعزيز الهوية الوطنية والحس الوطني، وتدشين مركز «صواب» لمحاربة دعاية التنظيمات المتشددة، والتصدي لرموز التطرف والإرهاب، وإطلاق مجموعة «فرسان الإمارات» عام 2012، للدفاع عن الوطن في العالم الافتراضي وإبراز نجاحات الإمارات ودورها الريادي، الاتجاه إلى توحيد المصطلحات الإعلامية تعكس رؤية وسياسة الدولة، وتتضمن هذه الاستراتيجية «جهاز استخبارات الإشارة» أو (الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني سابقاً) الذي يساهم في تعليم طلاب المدارس والجامعات أسس الأمن الإلكتروني، إضافة إلى قناة «سكاي نيوز عربية» من أجل سحب البساط من قناة «الجزيرة» القطرية.
وأكد النعيمي أنه برغم حملات التشويه، فإن وسائل الإعلام في شتى بقاع الأرض لا تكاد تخلو يومياً من تقارير مفعمة بالإطراء عن المشروعات العقارية الرائدة والإنجازات الاقتصادية، والثورة المعرفية، واستراتيجية الذكاء الاصطناعي، والمشاركة في السباق نحو المريخ، ومنظومة التسامح والتعايش، وتمكين المرأة، وهذا ما يتأكد عبر عناوين كـ «العثور على السعادة في أبوظبي» و«دبي الأرض السحرية».

تعزيز الثوابت
وتحت عنوان «دور الإعلام في ترسيخ ثوابت الإمارات وتحالف دعم الشرعية في اليمن»، أكد د. وحيد عبد المجيد، مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، في ورقته، أن الإعلام يلعب دوراً رئيساً يزداد كل يوم في العلاقات الدولية والإقليمية، كما في التفاعلات الداخلية في معظم بلدان العالم. كما أن ثورة الاتصالات تضيف إلى الإعلام أدوات جديدة طوال الوقت. ولا يقتصر ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي Social Media.
وحسب عبد المجيد، تؤدي الصحافة ومحطات التلفزيون الوطنية أدواراً مهمة في السعي إلى الحد من آثار الحملات الدعائية التي تستهدف الدولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وربما يزداد هذا الدور في منطقتنا التي تشهد اضطرابات أنتجت تهديدات، ومحاولات اختراق، واستهداف الدولة الوطنية في عديد من بلدانها، منذ مطلع العقد الجاري.
وفي مقدمة الأدوار التي تضطلع بها الصحافة ومحطات التلفزيون الوطنية في هذا المجال، التصدي لأخبار كاذبة، تروج لها القوى المعادية بطريقة منهجية.
وحول الأزمة اليمنية يقول عبدالمجيد إنها بدأت بحدوث الحراك السياسي عام 2011، وتعثرت محاولات تسويتها التي اضطلعت دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بالجهد الأساسي فيها. فقد فتحت الاضطرابات التي عمت أنحاء اليمن الباب أمام جماعات تتنافس في استخدام الدين لتحقيق أهدافها في السيطرة على البلاد، وبصفة خاصة الجماعة «الحوثية»، نسبة إلى المجموعة العائلية المهيمنة عليها والتابعة لإيران، وفرع الجماعة المسماة «الإخوان المسلمين» في اليمن، والذي يعمل منذ عام 1990 تحت اسم حزب التجمع اليمني للإصلاح، مستنداً على تحالف مع بعض العشائر.

التدخل الإيراني
وحسب عبد المجيد، أدى الدعم الإيراني المتزايد إلى تقوية الجماعة «الحوثية»، وتمكينها من الانقلاب على الشرعية، وإنهاء العملية السياسية التي كان مفترضاً أن تؤدي إلى إعادة بناء الدولة الوطنية، ولذلك كان على الإمارات، مع المملكة العربية السعودية، التصدى لخطة سيطرة إيران على اليمن، والمشاركة في بناء تحالف عربي، وقيادته، بهدف دعم الشرعية التي حدث الانقلاب عليها عبر عملية «عاصفة الحزم» التي أُطلقت في مارس 2015، وعملية إعادة الأمل التي أُعلنت في أبريل من العام نفسه.

التزييف «الحوثي»
وأضاف عبد المجيد: «لجأت الجماعة «الحوثية»، والأطراف الإقليمية التي تستخدمها أو تدعمها، إلى إطلاق حملات دعائية واسعة النطاق لتزييف وقائع الأزمة اليمنية، وتطوراتها، وإطلاق سيل لا ينقطع من الأخبار الكاذبة، الأمر الذي فرض على الإعلام في دولة الإمارات الاضطلاع بدور محوري في توضيح حقائق تتعرض للتزييف، وترسيخ ثوابت الدولة، ونشر المعرفة بهذه الثوابت سواء في داخل الدولة، أو في اليمن الذي يتعرض شعبه لعملية تزييف وعي لا يقل خطرها عن الخسائر البشرية والمادية المترتبة على الانقلاب الحوثي الذي سيطر على وسائل الإعلام في صنعاء.
ويتابع عبد المجيد في ورقته الدور الذي تقوم به أربع من الصحف الإماراتية هي: «الاتحاد»، و«الخليج»، و«الإمارات اليوم»، و«البيان»، إضافة إلى محطة تلفزيون «سكاي نيوز عربية» التي تؤدي هذا الدور عن طريق السعي إلى إبطال مفعول حملات الأخبار الكاذبة التي بثتها قناة «الجزيرة»، ونشر المعرفة والوعي بتطورات الأزمة اليمنية، ومواقف تحالف دعم الشرعية، بطريقة احترافية.
وأشار عبد المجيد إلى أن ورقته تطرح عينة منتقاة مما تم نشره وبثه في الأشهر الأخيرة، بعد الاطلاع على عدد كبير من المواد الإعلامية في وسائل الإعلام الأربع، والتي تدل على دور الإعلام في ترسيخ ثوابت الإمارات تجاه الأزمة اليمنية، الورقة تنشد ألا يقتصر التحليل على البحث فقط عن هذا الدور، بل تقييمه أيضاً من أجل تطويره، وزيادة فاعليته، سواء في هذه الأزمة، أو في غيرها من القضايا التي نحتاج دوراً إعلامياً فيها.

أدوات الرد
وعن «أدوات الرد على حملات التشويه الإعلامي الموجهة من الإخوان وقطر بعد قرار المقاطعة»، قدم الكاتب والباحث الإماراتي د.سالم حميد، ورقة عرض خلالها مقترحات لاجتثاث حملات التشويه التي يمارسها النظام القطري وتنظيم «الإخوان»، من بينها: التنسيق بين الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة، وتوحيد موضوع الرسالة الإعلامية ومراعاة توقيتها، لافتاً إلى أن من أهم متطلبات ما أطلقنا عليه بـ «الإعلام الأمني الخارجي»: تأسيس لجنة عليا لإعلام دول المقاطعة، وتوحيد الخطاب الإعلامي العربي، وتحديد ماهية الرسالة الإعلامية وأهدافها: وذلك بالتأكيد على أن المشروع الذي قاده كل من النظام القطري و«الإخوان»، كمشروع أسس لولادة الجماعات الإرهابية والتطرف. وتأسيس لجنة متابعة يومية تُعنى بالرصد والاستشراف.
وعرض حميد لتجربته في مركز المزماة، حيث قام باستحداث جائزة عن المغرد الوطني المتميز، لتشجيع الحديث عن الوطن، لتعزيز الروح الوطنية. وعلى الصعيد الفكري، يرى حميد ضرورة الرصد الإعلامي لأدوار النظام القطري وتنظيم «الإخوان» الإرهابي في الخطاب الديني المتطرف وصناعة «الإسلاموفوبيا» لتنفيذ أجندات تخريبية في المنطقة والعالم، ومن المهم مد جسور التواصل الإعلامي والفكري عالمياً، والاتصال مع الملحقيات الثقافية الغربية، وعقد اتفاقيات ثقافية تعمل على التعريف بأن الجماعات الإرهابية لا تمت للإسلام بصلة، وأنّ بعض الأفكار الراسخة في العقلية الأوروبية، تعود في أسبابها الجوهرية للماكينة الإعلامية لقطر، والأيديولوجيا الفكرية للإخوان.
وفي تعقيبه على أوراق الجلسة الثالثة، استنتج الدكتور أسعد عبد الرحمن، أن الأوراق الثلاث للدكتور سالم حميد، والأستاذ سالم النعيمي، والدكتور وحيد عبد المجيد أرضية مشتركة يظهر الشعور العام بتزايد الحاجة لتفعيل نظام إعلامي قوي يواكب التحولات المعاصرة، ويستعيد القدرة على تقديم رسالة العرب القومية والإنسانية.

صناعة الإسلاموفوبيا
وفي تعقيبه، على طرح د.سالم حميد بشأن «الإعلام الأمني الخارجي»، أكد عبدالرحمن أن المشكلة الرئيسة في الإعلام خلال هذه المرحلة، تكمن في عدم قدرة وسائله على الوصول إلى الجماهير المستهدفة، وإيصال رسالة الدولة لها وتفسيرها، ما أدى أحياناً للبحث عن وسائل إعلام بديلة، ما يدعو إلى التجديد في المضمون والأداء، لمواكبة التحولات المعاصرة في الأداء الإعلامي.
وأضاف عبدالرحمن نقطة أخرى فيما يتعلق بالإسلاموفوبيا- التي أثارها د.سالم حميد- أن «أبطال» صناعة الإسلاموفوبيا كُثر، مشيراً إلى أنه لا يمكن التعامل مع العدوانية المتزايدة في الغرب لكل ما هو إسلامي إلا من خلال نظرة تاريخية عميقة لعلاقة الغرب بالشرق وتداعيات هذه العلاقة على الوضع الراهن.
وهنا القضية ليست دينية عقائدية، بل هي في أحيان كثيرة ناجمة عن سياسة عنصرية هدفها فرض الهيمنة الغربية على العالم الإسلامي. وأكد عبدالرحمن خطر الحملة الاستشراقية ليس فقط في تشويه صورة المسلمين من خلال التنظير، وإنما يكمن الخطر الأعظم- على حد قوله- في الترويج لصناعة «الاسلاموفوبيا» و«العربوفوبيا» و«الفلسطينوفوبيا». وفي هذا السياق، بات معلوماً أن عملية صناعة الخوف هذه تتم من خلال التنظير الأيديولوجي المسيس، والترويج الإعلامي المفتوح.

تأجيج العنصرية
وحسب عبدالرحمن، سمحت أحداث الحادي عشر من سبتمبر للمتطرفين من المستشرقين وغيرهم بالتعبير عن أفكارهم العنصرية، وكأننا أمام معادلة: صورة الغربي الإيجابية مقابل صورة المسلم السلبية للوصول إلى هدف تجسيد الإسلام كعدو خطير.
وأضاف: لم يكن غريباً أن كل هذا مهد لتصاعد حاد في ظاهرة الإسلاموفوبيا، بل وفي «ارتفاع» مستواها السياسي حين تولى هذا الأمر بعض القيادات السياسية الغربية.
ولدى عبدالرحمن قناعة بأن الظاهرة التي حملت اسم «الربيع العربي» أصبحت كارثة مدمرة خيبت آمال كثير من الذين كانوا يعتقدون بأن هذا الحراك (المفعم بالنوايا الحسنة لكنه مسلوب الإرادة لأسباب عديدة) هو الطريق الذي يقود إلى تغيير حقيقي في العالم العربي.
وأضاف عبدالرحمن أن الأنكى من ذلك كله، كون الفكر التكفيري حاول خطف «الربيع العربي» تحت مظلة دينية لا علاقة لها بتاتاً بالدين الإسلامي الحنيف لكي يبني دولته الدينية التكفيرية المحرمة تحريماً مطلقاً في الدين الإسلامي.

إعلام المواطَنة
ويرى عبدالرحمن أنه من الضروري التنبيه إلى أن للإعلام دوراً كبيراً في تدعيم مفاهيم المواطنة والوحدة والتماسك الاجتماعي، فما المانع من تدشين حوار مع الشباب والنزول إلى مستواهم «العمري»؟ لا مناص من خطة فكرية شاملة تتخذ شكل حملة توعية هادفة تشارك فيها مختلف القنوات الإعلامية، من فضائيات وتلفزيونات محلية وإذاعات وصحف وندوات واجتماعات جماهيرية، بل وفي المدارس كلها.
أما بالنسبة لورقة وحيد عبد المجيد فإنها تبدأ بمقدمة مكثفة عن دور الإعلام في العلاقات الدولية راصداً رؤية الصحافة الإماراتية تجاه عديد القضايا والتصدي لما يحاك ضد مصالح البلاد وهو ما فصله عبدالمجيد بشكل منهجي، من خلال أربع من الصحف الإماراتية هي «الاتحاد»، و«الخليج»، و«الإمارات اليوم»، و«البيان» إضافة إلى محطة تلفزيون «سكاي نيوز عربية»، حيث تعرض الورقة مجموعة منتقاة من العينات التي تدل على دور الإعلام في ترسيخ ثوابت دولة الإمارات تجاه الأزمة اليمنية، مبتدئاً أولاً بعينة من العناوين الرئيسة و«المانشيتات» في صحيفة «الاتحاد»، وثانياً، الالتزام بعملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن، وثالثاً، العمليات العسكرية «عاصفة الحزم وسيلة لا بديل عنها»، ورابعاً، الالتزام بقواعد القانون الدولي والاعتبارات الإنسانية في العمليات العسكرية، وخامساً، كشف محاولات إيران لتوسيع نفوذها في اليمن، وسادساً، تقديم مساعدات منتظمة في مختلف المجالات لرفع معاناة الشعب اليمني، وسابعاً، إعادة إعمار المناطق التي يتم تحريرها تدريجياً، وثامناً، حقيقة الدور الإماراتي في جزيرة سقطرى، والرد على الحملات المتعلقة به.

الدعوات الثلاث
وبعد نهاية التعقيب على أوراق الجلسة الثالثة، قدّم الأستاذ الدكتور هنري العويط، مدير عام «مؤسسة الفكر العربي» مداخلة أشار خلالها إلى أن المنتدى أتاح لنا فرصة ثمينة في عام زايد، حيث تم توجيه تحية وفاء للشيخ زايد، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وباني نهضتها، فالمنتدى أشاد- حسب العويط- بتجربة الإمارات الفريدة وإنجازاتها المرموقة على مختلف المستويات وفي المجالات كافة.
ومن خلال هذه الشهادات، قال العويط: «استمعنا إلى دعوات مهمة تم توجيهها إلى ثلاثة أطراف، الدعوة الأولى موجهة إلى الإعلام بوسائله المختلفة ليضطلع بأمانة ومسؤولية في نقل الحقائق ونشر قيم الحوار والانفتاح والتسامح والتصدي لآفات التعصب».
الدعوة الثانية التي أطلقها العويط، موجهة للإمارات وأبنائها للإشادة بالتجربة الوحدوية الناجحة في ظل انقسامات في الإقليم تهدد الشعوب والمجتمعات.
والدعوة الثالثة تتمثل في الاستفادة من تجربة الإمارات في ترسيخ الاستقرار.
وأضاف العويط أن المنتدى اهتم بتجربة الإمارات والنهضة التي تحتاج إليها دولنا، وهذا ليس هدفاً مستعصياً، أو بعيد المثال، بل متاح إذا تسلحنا بالإرادة والتصميم.
وفي ختام مداخلته قال العويط:(باسم مؤسسة الفكر العربي – أتوجه بالشكر للدكتور علي بن تميم مدير عام أبوظبي للإعلام، والأستاذ حمد الكعبي، رئيس تحرير الاتحاد وإلى فريق معاونيه وجميع المتحدثين لتنظيم هذا اللقاء الناجح – متمنين للاتحاد في ذكرى صدورها الـ 49 التفوق والتألق ودوام النجاح، ونتمنى للإمارات دوام التقدم والازدهار).

رسالة شكر
وفي ختام الجلسة الثالثة، أثنى حمد الكعبي، رئيس التحرير على المشاركين في المنتدى الثالث عشر، قائلاً: «سعدنا بكم على مدار هذا اليوم، وسمعنا صوتكم يجهر بكل نافع، ورأينا رسمكم لصورة الإمارات في مرحلتي التأسيس والتمكين، ولمسنا في خطابكم الثري العميق حرصاً على هذه الدولة التي أرسى قواعد بنيانها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ووجدنا لديكم عزماً على مشاركتنا بالقلم واللسان في التصدي لحملات التشويه التي يطلقها إعلام مأجور، يمارس دعاية سوداء، وحرباً نفسية شعواء، رغبة منه في الإساءة إلى بلداننا جميعا، حتى لا تنعم بالاستقرار والأمان، أو ظناً منها أن هذا سيشغل قادتنا عن تكريس جهودهم للعمل والبناء من أجل مصلحة الشعوب».
وأضاف الكعبي: الإعلام الإماراتي، المقروء والمسموع والمرئي، وما يجمع بين كل هذا ممثلاً في الإعلام الإلكتروني، يسعى لرسم الملامح الحقيقية لدولتنا العفية الفتية، بكل تجرد وصدق، ولا يدخر وسعاً في سبيل الإسهام في نصرة قضايا الأمة العربية العادلة، ويذكر الجميع من الخليج إلى المحيط بأن تجربة الإمارات في الوحدة تبرهن على أن العرب باستطاعتهم أن يجتمعوا على شيء ثمين، إن صدقت النوايا، وصح العزم، وقدم الجميع المصلحة العامة على الخاصة، والواجبات على الحقوق، وتسابقوا في الخيرات أياً كان نوعها أو لونها.
ونوّه الكعبي إلى «أن المنتدى، الذي تنجلي صورته، وتكتمل مهمته، بما تقدمونه من أوراق عمل تنطوي على آراء وتصورات وتحليلات وأفكار وتطلعات، سيواصل بكم مسيرته في السنوات المقبلة، من أجل أن نتبادل جميعاً الرأي حول ما يشغل بلادنا، من عناوين مهمة، جعلت المنتدى قادراً على مواكبة الأحداث». وفي ختام كلمته قال الكعبي: «أشكركم جميعاً على طيب وجودكم ومشاركتكم البناءة، وألتقيكم على خير».

توصيات المنتدى
خرجت أوراق عمل المتحدثين والتعقيبات والمداخلات التي تواصلت طوال الجلسات الثلاث لخلاصات وقناعات وتوصيات طرحها حمد الكعبي في نهاية الفعاليات، أهمها: أن الإرث الثري للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في الإعلام لا يزال يُعطينا الدرس في دور وسائل الإعلام في تحقيق طموحات القيادة ورؤاها الخلاّقة.
كما أكد المشاركون أن صناعة الصورة الإعلامية لا تأتي من فراغ، بل من خلال واقع يصنعه شعب وقيادة ومجتمع ونخبة، وطالما أن هناك تنمية وبناء، فإن الإعلام قادر بكل منصّاته وتقنياته على بث رسالة قوية مقنعة قادرة على الوصول إلى الخارج، وبث رسالة الأمن والاستقرار والرخاء في الداخل.
ومن أهم التوصيات أن التنمية الثقافية بجميع روافدها، وبناء القدرة على إنتاج المعرفة، والتواصل مع ثقافات أخرى- وهو ما نجحت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة- هذا كله يعزز صورة مجتمعاتنا العربية في الإعلام، ويرسم ملمحاً إيجابياً لها، ويحيي قدرتها من جديد على إنتاج الحضارة.
واستنتج المشاركون أيضاً أنه في عصر ثورة الاتصال، لم يعُد هُناك مكان لإعلام التزييف والتضليل، فالحقيقة هي الأبقى والأقوى، وهذا هو جوهر المصداقية التي لا مناص منها في وسائل الإعلام.
ورسّخ المشاركون ضمن أوراق عملهم ومداخلاتهم قناعة بأن ثبات المبادئ في السياسة الداخلية والخارجية، يرسخ صورة واضحة للدولة، ويقوي رسالتها الإعلامية.
وهناك دعوة للوصول بشكل أكثر قوّة وكثافة إلى وسائل الإعلام الأجنبية في أوروبا والولايات المتحدة للتأكيد على رسالتنا وسياساتنا الواضحة في كافة قضايا المنطقة، ولا شك أن الرؤية المغلوطة لدى الغرب تجاه «الربيع العربي» والانقلاب الحوثي والأزمة القطرية، خير دافع على أهمية تدشين وسائل إعلامية ناطقة بلغات أجنبية، تخاطب الغرب وتصل إلى جمهوره. وما تحتاجه مجتمعاتنا العربية، هو إعلام التوعية والتنمية، لا إعلام التحريض والتضليل وافتعال الأزمات. وتتضمن التوصيات ضرورة التركيز على كسر الصورة النمطية السائدة عن المنطقة في الإعلام الغربي الذي ينقل منذ سنوات طويلة مشاهد الاضطراب في المنطقة، ولا يركز إلا نادراً على نقاط مضيئة في عالمنا العربي، مثل إمارات الخير، رؤاها الثاقبة وإرث الراحل الكبير زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.